منتخب العراق.. وجوه جديدة وآمال قديمة

ديلي سبورت عربي _ وكالات
في كرة القدم، حين تفرض الواقعية نفسها، تختفي الشعارات الكبيرة. هذا هو حال منتخب العراق قبل مواجهتيه المفصليتين ضد الإمارات في الملحق الآسيوي المؤهل إلى المرحلة الأخيرة من تصفيات كأس العالم 2026.
فبين غيابات مؤثرة، وتبدلات مستمرة في التشكيلة، وعدم استقرار فني واضح، يدخل «أسود الرافدين» مرحلة الحسم دون ملامح فريق مستقر قادر على الإقناع.
منتخب العراق يعيش واقع مضطرب قبل موقعة أبوظبي
تقام مباراة الذهاب في أبوظبي في 13 من الشهر الحالي، والإياب في البصرة في 18 منه. وبين التاريخين، يضع الشارع العراقي يده على قلبه.
فالمدرب الأسترالي غراهام أرنولد يواجه مأزقًا صعبًا: قائمة غير مستقرة، إصابات بالجملة، ولاعبون يفتقدون الثقة في أنفسهم.
سلام شاكر، المدافع الدولي السابق، لخص الصورة في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: “العراق سيخوض مباراتين صعبتين أمام الإمارات في ظل الظروف الحالية، وربما يكون المنتخب الإماراتي في وضع أفضل بالنظر لما قدمه مؤخرًا.”
كلمات شاكر ليست تشاؤمية، بل واقعية. فالعراق، كما يقول، «أهدر أسهل فرصة في تاريخه للتأهل إلى المونديال»، بسبب أزمة هوية وضعف في الشخصية الفنية داخل الملعب.

منتخب العراق بلا ملامح واضحة
أزمة العراق لا تتعلق فقط بالأسماء، بل بالاستمرارية. التبديلات المتكررة في التشكيلة أفرغت المنتخب من شخصيته.
شاكر يضيف بوضوح: “تذبذب مستوى اللاعبين في أنديتهم انعكس على ضعف الأداء الفني في المنتخب.”
المدرب أرنولد استدعى 25 لاعبًا، بعضهم وجوه جديدة، وبعضهم الآخر غادر القائمة التي خاضت مواجهتي السعودية وإندونيسيا الشهر الماضي. هذا التغيير المتكرر جعل المنتخب يبدو في كل مرة كما لو أنه يبدأ من الصفر.
الدفاع المبالغ فيه.. والهجوم الغائب
شاكر يلفت أيضًا إلى خلل تكتيكي واضح: “أرنولد بالغ في الجانب الدفاعي، فانعكس ذلك على الهجوم. وعندما حاول تصحيح المسار ومنح حرية أكبر في التقدم، تكاثرت الأخطاء الدفاعية.”
هذه المعادلة الخاطئة جعلت العراق لا يتلقى أهدافًا، لكنه أيضًا لا يصنع فرصًا. لا خسارة قاسية، ولا انتصار مقنع. فقط فراغ تكتيكي في المنتصف.

وسط متهالك وغيابات مؤثرة
الدولي السابق هوار ملا محمد يرى أن مباراة الذهاب في أبوظبي ستكون حاسمة لأنها سترسم ملامح المتأهل بنسبة كبيرة. لكنه يؤكد أن المنتخب العراقي سيعاني في خط الوسط بسبب غياب يوسف الأمين، أحد أبرز لاعبي المرحلة الماضية، إلى جانب زميله إبراهيم بايش المصاب، وأمجد عطوان الذي خرج من حسابات المدرب.
“مشكلتنا أننا لا نملك استقرارًا في الأسماء. اللاعبون يتبدلون باستمرار، فلا انسجام ولا تفاهم، وهذا ما يميز الإمارات عنا حاليًا”، يقول هوار.
منتخب العراق.. بين أزمة الأهداف وعودة الأمل
في الخط الأمامي، تتكرر المشكلة الأزلية: العراق لا يسجل.
منتخب «أسود الرافدين» أحرز هدفًا واحدًا فقط في مباراتي الملحق أمام إندونيسيا الشهر الماضي، وهو رقم مقلق للغاية.
لكن المهاجم السابق مصطفى كريم يرى بصيص أمل في عودة أيمن حسين إلى التشكيلة بعد غياب طويل: “عودة أيمن فرصة حقيقية لإثبات ذاته، خصوصًا مع وجود علي الحمادي من الدوري الإنجليزي. لكن غياب محمد جواد، هداف القوة الجوية، قرار غير موفق.”
أكثر من مجرد مباراتين
ما ينتظر العراق أمام الإمارات ليس مجرد مواجهتين لتحديد من سيتأهل إلى الملحق العالمي، بل اختبار لهوية فريق لم يجد نفسه بعد.
فالمشكلة، كما يكرر قدامى اللاعبين، ليست في الكفاءة بل في الاستقرار. منتخب العراق يعيش منذ سنوات على موجات من التغيير دون أن يبني قاعدة ثابتة.
“نحتاج إلى فريق مستقر. مرحلة التجريب يجب أن تنتهي، لأن البقاء سيكون للأفضل فقط”، يختم هوار ملا محمد حديثه.
عناوين أخرى تهمك
ما بين الواقع والطموح
في النهاية، الواقعية تفرض نفسها. العراق لا يدخل المواجهتين مرشحًا أول، لكنه يدخلها بثقل التاريخ، والإصرار، والبحث عن هوية ضائعة منذ زمن.
أما الإمارات، فبهدوءها واستقرارها، تبدو الطرف الأكثر جهوزية. لكن كرة القدم لا تعترف بالأسماء، بل باللحظة.
وفي هذه اللحظة، بين أبوظبي والبصرة، سيحاول «أسود الرافدين» إثبات أن التاريخ يمكن أن ينتصر على الحاضر، ولو لمرة أخيرة.




