كريستيانو رونالدو.. احتفال يعيد ذاكرة كامب نو بعد 8 أعوام

ديلي سبورت عربي – السعودية
في ليلةٍ كرويةٍ باهرةٍ على ملعب الأول بارك، لم يكن فوز النصر بخماسية على الفتح مجرد عرض هجومي، بل مناسبة لإعادة مشهدٍ خالد من ذاكرة كرة القدم، فبعد إهدار ركلة جزاء في الدقيقة 59 تصدى لها أمين بخاري، ردّ كريستيانو رونالدو بعد دقيقة واحدة فقط بتسديدة مقوّسة سكنت الزاوية العليا، قبل أن يخلع قميصه ويرفعه عاليًا — تمامًا كما فعل في كامب نو 2017 حين سجّل في شباك برشلونة بقميص ريال مدريد.
كان المشهد مزيجًا من التاريخ والعناد والرمز. ثمانية أعوام فصلت بين اللقطتين، لكن الفكرة ذاتها بقيت: لا أحد ينهض من كبوة كما يفعل كريستيانو.
«النجاح لا يأتي بالصدفة».. منطق كريستيانو رونالدو
بعد المباراة، نشر النجم البرتغالي تغريدة على منصة إكس (X) كتب فيها:
«النجاح لا يأتي بالصدفة».
وأرفقها بصورة لاحتفاليته الشهيرة، لتتحول التغريدة إلى صدى عالمي أعاد التذكير بعقليته الاستثنائية — ذاك الإيمان الدائم بأن الإخفاق لحظة، والردّ موقف.
هذه الرسالة ليست للجماهير فقط، بل لفريقه أيضًا. رونالدو أراد أن يذكّر الجميع أن الشخصية البطولية لا تُصنع بالأهداف فقط، بل بالاستجابة بعد الخطأ.
بين الأمس واليوم… نسخة واحدة لا تتبدّل
في كامب نو 2017، سجّل رونالدو هدفًا رائعًا بعد دقائق من دخوله كبديل، ثم خلع قميصه في وجه الجماهير محتفلًا بثقة مطلقة.
في الرياض 2025، أعاد المشهد ذاته — بذات الانفعالات، بذات الدقة في التسديد، وبذات اللغة الجسدية التي تقول: “أنا ما زلت هنا.”
الفرق الوحيد؟ أن الصدى هذه المرة لم يأتِ من أوروبا، بل من الدوري السعودي للمحترفين، الذي بات منصة لأساطير الكرة الحديثة، ورونالدو في طليعتهم.
قراءة تكتيكية: أكثر من مجرد هدف
من ركلة جزاء مهدرة إلى تحوّل نفسي فوري
عندما أضاع ركلة الجزاء، بدا الإحباط للحظة على وجه رونالدو، لكن طريقة تعافيه كانت درسًا نفسيًا قبل أن تكون فنيًا.
في الدقيقة التالية فقط، نفّذ حركة جسدية كاملة لخلق مساحة التسديد، وأطلق كرة مستحيلة على الحارس.
هذا التحوّل اللحظي من الفشل إلى النجاح يُختصر في كلمة واحدة من قاموسه: الاستمرارية.
اقرأ أيضاً: غوارديولا: يجب تشارك الأهداف بين لاعبي مانشستر سيتي

تأثيره على منظومة النصر
هدف رونالدو الثالث كان نقطة التحوّل في المباراة. من هناك، تحرّرت خطوط النصر، وتدفقت الأهداف تباعًا.
المدرب لويس خيسوس اعتمد على مرونة بين الأطراف والعمق، مستفيدًا من حركة رونالدو التي تسحب المدافعين لفتح المساحات أمام فيليكس وتاليسكا.
ولذلك قال فيليكس بعد اللقاء:
«يفعل ما كان يفعله دائمًا، هو تنافسي للغاية وعلينا الاستمتاع به.»
رونالدو والتاريخ… ما بعد الأرقام
قد تبدو الإحصاءات باردة أمام مشهد كهذا، لكن في العمق، ما يفعله رونالدو يتجاوز خانة “كم هدف سجّل”.
هو الآن في موسمه الثالث مع النصر، لكن كل هدفٍ جديد يبدو كأنه سطر في سيرته الكروية الأخيرة، التي يكتبها في ملاعب السعودية بدل أوروبا.
وفي كل مرة يعيد مشهدًا من ماضيه، يضيف إلى الحاضر بُعدًا جديدًا — كأنّه يقول إن الأسطورة لا تُكرّر… بل تتجدّد.
لقطة “الأول بارك” لم تكن مجرد استعراض عضلات أو احتفال مبالغ فيه. كانت استعادة لهويةٍ لا تموت:
روح التحدي، رفض الانكسار، والإيمان بأن النجاح يُبنى من الردّ على الإخفاق، لا من تجنّبه.
ثماني سنوات بعد كامب نو، ورونالدو ما زال يحتفل بالطريقة نفسها… لأنه ببساطة ما زال هو نفسه.




