الدوري السعوديالرئيسية

سلافن بيليتش: التدريب في الدوري السعودي أكثر تعقيداً مما يظنه كثيرون

ديلي سبورت عربي-وكالات

في وقتٍ يُفضّل فيه الكثير من المدربين استعراض تجاربهم في البطولات الأوروبية الكبرى، اختار الكرواتي سلافن بيليتش أن يتحدث عن تجربة مختلفة — تجربة يرى أنها كانت من الأكثر تحدياً وثراءً في مسيرته: التدريب في الدوري السعودي مع نادي الفتح.

سلافن بيليتش عن الدوري السعودي

أثناء حوار هادئ في منزله بكرواتيا مع شبكة The Athletic، كشف بيليتش عن تفاصيل لم يتطرق لها كثيرون حول طبيعة العمل في كرة القدم السعودية، مؤكداً أن “السهولة” المزعومة التي يظنها البعض لا تمت للواقع بصلة.

قال بيليتش بحسم: “ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض، البعض يظن أن التدريب في السعودية بسيط، لكنه ليس كذلك على الإطلاق. صحيح أن المستوى ليس كالدوري الإنجليزي، لكن التحدي هناك مختلف تماماً، وأحياناً أعقد بكثير”.

وركّز بيليتش على عاملين يراهما جوهريين في هذا التحدي الضغط الجماهيري الكبير، حيث قال: “كرة القدم هناك تحظى بجماهيرية ضخمة، والجميع يريد الفوز، وهو ما يُبقي المدرب تحت المجهر دائماً”.

التركيبة المختلطة للفرق، مضيفاً: “نحو 80٪ من اللاعبين في بعض الفرق هم أجانب، ومع أنهم جيدون ويمكنهم اللعب في أوروبا، إلا أن القوانين تُلزمك بإشراك ثلاثة لاعبين محليين على الأقل، وهنا تبدأ المعادلة الصعبة”.

اختلال موازين القوة: أزمة فنية وتكتيكية

يرى بيليتش أن أبرز التحديات تظهر في توزّع المهارات داخل الفريق، حيث قال: “غالباً ما تجد اللاعبين المحليين في مراكز الأظهرة أو خط الوسط، في حين يتواجد اللاعبون الأجانب، أصحاب المهارات والنجومية، في الخطوط الأمامية”.

ويضيف: “تخيل أن لاعبك المحلي في مركز الظهير الأيسر يجب أن يواجه لاعباً مثل رياض محرز أو ساديو ماني دون دعم كافٍ. هذه المواجهات تفرض تحديات تكتيكية ضخمة، لأنها ببساطة غير متكافئة”.

النجوم الأجانب… وأزمة الانضباط الدفاعي

يشير بيليتش إلى إشكالية أخرى تتمثل في قلة التزام بعض اللاعبين الأجانب بالواجبات الدفاعية، قائلاً: “إذا كان جناحك الأيسر الأجنبي لا يعود للدفاع، فإنك تترك ظهيرك المحلي يواجه الضغط وحده، ما يجعل المهمة مضاعفة. هنا، يجب أن تكون مبدعاً وتخترع الحلول. في إنجلترا، الأمور أوضح، أما في السعودية، فالمدرب يُجبر على إيجاد التوازن بطرق مبتكرة”.

فهم الثقافة وتكييف الأساليب

أكد بيليتش أن أحد أهم مفاتيح النجاح في السعودية هو فهم البيئة المحلية، موضحاً: “لا يمكنك نسخ خطة تدريب من أوروبا ولصقها في الدوري السعودي. يجب أن تفهم الفروق في البنية الجسدية، الثقافة، الذهنية، وكل تلك العوامل التي تؤثر على الأداء”.

نضج مهني وإنساني

رغم كل التحديات، يعتبر بيليتش أن تجربته مع الفتح جعلته أكثر نضجاً وتكاملاً كمدرب: “الآن أشعر أنني مستعد أكثر من أي وقت مضى. تعلمت أن أقرأ شخصية اللاعب، لا أن أحكم فقط بالأرقام أو اللياقة. التدريب ليس مجرد خطة لعب، بل فهمٌ عميق للإنسان خلف اللاعب”.

تجربة خاصة في مسيرة متنوعة

ورغم تاريخه الحافل مع فرق مثل وست هام يونايتد في إنجلترا ولوكوموتيف موسكو وبيشكتاش والاتحاد السعودي سابقاً، يرى بيليتش أن ما خاضه في السعودية تجربة فريدة من نوعها: “قد تظن أنني حققت أكبر إنجازاتي مع وست هام، خصوصاً في موسم ديميتري باييت 2015-2016، لكن ما خضته في السعودية علّمني أموراً تكتيكية وإنسانية لا تقل أهمية. لقد أصبحت أكثر قدرة على إدارة فرق غير متجانسة، وصياغة حلول وسط ظروف معقدة”.

اقرأ أيضًا: لوكا مودريتش | الرقصة الأخيرة مع كرواتيا في نقطة البداية

سلافن بيليتش

خاتمة: مدرسة مختلفة وتحدٍ حقيقي

يختم بيليتش حديثه بتوصيف شامل للدوري السعودي: “الدوري السعودي ليس محطة عابرة، بل مدرسة مختلفة تماماً. إنه يتطور ويجذب النجوم، لكن العمل فيه ليس نزهة. هو اختبار حقيقي للمدرب. إذا نجحت هناك، فأنت مدرب حقيقي”.

بهذا التصور، لا يرى بيليتش نفسه مجرد مدرب تجوّل عبر القارات، بل شاهد عيان على تحوّل كروي تشهده المنطقة، وتجربته في السعودية ليست سوى فصل مهم من كتاب لا تزال صفحاته تُكتب بشغف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى