إسبانياالرئيسيةبروفايل

الدوري الإسباني 2025/2026.. أتلتيك بلباو: الولادة الباسكية لهرم كرة القدم الإسبانية

ديلي سبورت عربي – إسبانيا

عندما نتحدث عن أتلتيك بلباو، فإننا لا نتحدث فقط عن نادٍ رياضي في الدوري الإسباني، بل عن مؤسسة اجتماعية وثقافية احتفظت بهويتها عبر أكثر من 125 عامًا.

نشأ في قلب إقليم الباسك، مبكرًا وجد نفسه مرآة لتقاليد شعب، وسياسة، وتاريخ مجتمع. وهويته الراسخة تجذره في ولاء جماهيري يتجاوز مجرد روابط كرة قدم.

️الذرة الأولى: كرة القدم في بيلباو وبدايات الدوري الإسباني عام 1890

في أواخر القرن التاسع عشر، كانت بيلباو تنمو صناعيًا بفضل الملاحة والتعدين، وجاءت معها جماعات بريطانية من عمّال

وطلاب. أُقيمت أول مباراة معروفة في أبريل 1890 بين فريق “Club Atleta” الذي شكله عمال بريطانيون، ونظيره من فِرق

السفن الزائرة. أُقيمت في ما أصبح يُعرف بعدها بـ”La Campa de los Ingleses”، ثم انتقلت إلى ملعب Lamiako حيث بدأت الجماهير الباسكية تتعلق بالرياضة الجديدة

في سنة 1894، تجرّأ مجموعة من الطلاب الباسكيين—الذين درسوا في بريطانيا—على تحدي العمال البريطانيين في مباراة

تجريبية انتهت 0‑5، لكنها كانت بمثابة الشرارة الأولية لولادة كرة القدم الباسكية

الإطار الرسمي والنظام المؤسسي (1901–1903)

التأسيس الرسمي بدأ فعليًا في 5 سبتمبر 1901 بلقاء استشرافي في “Café García”، جمع 33 مؤسسًا قرروا توحيد النادي

وتنظيمه قانونيًا تحت اسم Athletic Club، مع أول رئيس هو لويس مارتينيز يليه خوان أستوركيا الذي صار الأكثر تأثيرًا لاحقًا

في عام 1903، اندمج Bilbao Football Club مع Athletic لتكوّن قاعدة النادي الحالي بعدما شكل فريقًا موحدًا هزم برشلونة

في كأس التتويج (Copa de la Coronación)، وهي سابقة وصفها التاريخ بأنها تُمثل أول كأس ملك لـ”Club Bizcaya”

استراتيجيات التوازن والهوية (“Basque-only”)

في بداياته، كان أتلتيك يُستخدم لاعبين بريطانيين إلى جانب الباسك، لكن في عام 1912، وُضعت السياسة الفريدة:

التشكيل من لاعبي الباسك فقط—مواليد أو مطوّرين في أكاديميات النادي داخل مقاطعات الباسك السبعة أو النائية

الباسكية. أصبح ذلك عرفًا غير مكتوب، لكنه عنصر أساسي في ثقافة النادي وهويته الجماهيرية العميقة

هذه السياسة تميّزه عالميًا، فهو ضمن ثلاثة أندية مشهورة لم تهبط قط من الدرجة الأولى في إسبانيا، ويظل أحد القلائل

الذين حافظوا على جذورهم المحلية في زمن العولمة الرياضية

اقرأ أيضاً: الدوري الإسباني 2025/2026.. فياريال: الغواصة الصفراء التي صعدت بلا صوت… حتى أصبحت قائدًا

الدوري الإسباني
أتلتيك بلباو عام 1980

تأسيس ملعب “لاكاثيررال” (1913)

ملعب سان ماميس الجديد أُفتتح في عام 1913 و أصبح بسرعة يُعرف بـ”كاتيدرال” كرة القدم الإسبانية. سمي بذلك لأنه أقيم

فوق كنيسة سان ماميس واستضافت الجماهير المباريات كما لو كانت في طقوس دينية، خاصة مع حضور نجوم مثل Pichichi الذي سجّل أول هدف في افتتاح الملعب

ملعب سان ماميس صار رمزًا بطوليًا واستمر في إلهام الجماهير، حتى تم استبداله بالملعب الحديث الجديد في 2013 على

نفس الموقع، لكن عرف بنفس الاسم ومقامه التاريخي

سلسلة الانتصارات الأولى: كأس ملك وإمبراطورية مبكرة

بدأ Athletic يهيمن على كأس ملك إسبانيا منذ بدايات القرن العشرين: الفوز في 1903 و1911 و1914 و1915 و1916،

بمشاركة نجم مثل Pichichi الذي أصبح اسمه لاحقًا  هداف الليغا كل موسم

حتى الحرب الأهلية، كان Athletic الأبرز على الساحة الوطنية، متفوقًا بألقاب أكثر من ريال مدريد وبرشلونة في تلك الحقبة

المبكرة قبل انتشار اللعبة رسميًا في باقي إسبانيا

الفترة بين الحروب ونمو الهوية الاجتماعية (1920–1960)

لم يتوقف الأداء عند البداية فقط. خلال سنوات ما بين الحروب وحداثة بعد الحرب، حافظ النادي على استمراريته ضمن الدرجة

الأولى في الغالب، وبدأ يلعب دورًا اجتماعيًا وسياسيًا في الحفاظ على الهوية الباسكية في سياقات الاتحاد الإسباني،

وخصوصًا أثناء الدكتاتورية وبعدها

جامعة النادي لم تكن مجرد لاعب كرة، بل كانت صوتًا سياسيًا واجتماعيًا في إقليم إقليم عاش تقلبات سياسية صعبة.

عناوين قد تهمك: 

أتلتيك بلباو
أتلتيك بلباو عام 1950

مرحلة الأمجاد المعاصرة (1983–1984): الثنائية التاريخية

بعد فترة ركود نسبي في القرن العشرين الحديث، عاد Athletic ليس فقط للظهور بل لتحقيق الإنجازات الكبرى؛ ففي 1983–84 تُوّج بلقب الليغا وكأس الملك معًا في “الازدواج التاريخي”.

اللحظة التي شهدت عودة الجماهير إلى النهر Nervión والاحتفال بعبّارة “La Gabarra” لأول مرة منذ 40 عامًا، كانت تذكيرًا بمنزلته الشعبية الحقيقية

الهوية والولاء في العصر الحديث (1990–2025)

ظل النادي محافظًا على سياسته المحلية وهوية اللاعبين الباسك، رغم التغيرات الاقتصادية والهيمنة المالية للأندية الكبرى.

أكاديمية Lezama أشهر أكاديميات الناشئين في إسبانيا، وهي تنتج لاعبين مثل إيناكي ويليامز الذي أصبح كابتنًا أول

أسود يرتدي شارة الفريق، رمز اجتماعي للمجتمع الباسكي الحديث، متمسكًا بالقيم التي مثلها النادي

حتى عام 2025، لم يهبط Athletic في تاريخه، واستمر في المنافسة على الظهور الأوروبي، والكأس، مع استقرار في الإدارة

الفنية بقيادة مدربين مثل Marcelino وValverde، اللذين ساعدا الفريق في العودة لأجواء دوري الأبطال بعد عقود

أتلتيك اليوم: القيم التي لا تهتز

في عام 2025، يواجه الفريق التحديات الفنية مثل غياب لاعبين بسبب العقوبات أو الإصابات، وفي دفاع الفريق ألمانيا معلنة

شغور المراكز بسبب إصابات وتعليق لاعبين مثل Yeray وEguiluz وجعل Vivian الوحيد المتاح مركزياً، لكن النادي ظل يحافظ

على التماسك التكتيكي من دون تخلي عن فلسفته الأساسية في اللعب بالنادي فقط من الناشئين الباسك أو من

Lezama. كما تظهر أخلاق النادي في انتقاد صريح لظهور التطرف السياسي من قبل قائده ويليامز، ودوره كجسر اجتماعي في إقليم بامسك ظل دائمًا مهمًا ضمن التفاصيل

أتلتيك… أكثر من مجرد نادٍ

أتلتيك بلباو هو نموذج فريد في كرة القدم العالمية: لم يبدو فقط كفريق كروي، بل كمؤسسة ثقافية واجتماعية تحترم جذورها وتقاوم تجزئة الهوية عبر الزمن. من ملعب Lamiako في 1890 إلى سان ماميس المهيب، ومن سياسة اللاعبين الباسك فقط إلى أكاديمية Lezama المبدعة، ظل النادي صلبًا.

هو المكان الذي يلتقي فيه تاريخ الصناعة الباسكية مع العقيدة المجتمعية، وما يحدث في ميدان كرة القدم يظهر كرسالة قوية عن الحرية، الوحدة، والانتماء. حتى عام 2025، يظل Athletic Club مثالًا حيًا على أن كرة القدم ليست فقط لعبة، بل تراث وروح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى