كيف تفوق الأهلي السعودي تنظيميًا رغم قلة الاستحواذ؟
ديلي سبورت عربي-وكالات
في ديربي جدة الذي انتهى بفوز الأهلي السعودي على الاتحاد بهدف دون رد، لم يكن التفوق في نسبة الاستحواذ هو سر الانتصار، بل الانضباط التكتيكي والتنظيم الدفاعي الذي رسمه الألماني ماتياس يايسله بدقة عالية، ليضع نظيره البرتغالي نونو إسبيريتو سانتو كونسيساو أمام معادلة معقدة لم يتمكن من حلّها.
الفوز منح الأهلي ثلاث نقاط ثمينة وضعته في المركز الخامس بـ16 نقطة، وبفارق ثماني نقاط عن المتصدر النصر، لكنه في الوقت نفسه كشف عن ملامح فريق بدأ يستعيد شخصيته وقدرته على التكيّف مع خصومه.
يايسله يقلب المعادلة من غرفة الملابس
تفوق الأهلي بدأ قبل صافرة البداية. يايسله خاض المباراة بخطة مفاجئة، حين استبعد مهاجمه الأساسي توني، واعتمد على الفرنسي أتانجانا كلاعب ارتكاز بجوار كيسييه وإنزو ميو، بينما منح الثقة لـفراس البريكان كرأس حربة صريح، ودفع بـماثيوس في مركز الجناح الأيسر بدلاً من جالينو.
هذه التغييرات غير المتوقعة أربكت الجهاز الفني للاتحاد، وأعطت الأهلي مرونة أكبر في التحول بين الدفاع والهجوم، وهي خطوة عكست رؤية يايسله المتوازنة التي تراعي نقاط ضعف المنافس أكثر من التمسك بالأسلوب الثابت.
استحواذ الاتحاد… بلا تأثير
رغم أن الاتحاد استحوذ على الكرة بنسبة 70%، فإن استحواذه بقي بلا قيمة حقيقية. الأهلي تمركز خلف الكرة بدفاع منظم، واعتمد على ضغط متوسط ومنخفض، أغلق به المساحات أمام صناع اللعب الاتحاديين، وأجبرهم على التمرير العرضي غير المؤثر.
تحوّل الاستحواذ إلى عبء على الاتحاد، مقابل كفاءة هجومية أعلى من الأهلي عند امتلاك الكرة. ووفقًا لإحصاءات سوفا سكور، بلغ معدل الأهداف المتوقعة (xG) للأهلي 1.41 مقابل 0.57 فقط للاتحاد، مع أربع فرص محققة للأول مقابل فرصة واحدة فقط للثاني.
فعالية هجومية بأقل مجهود
رغم طابعه الدفاعي، قدّم الأهلي صورة فريق يعرف متى وكيف يهاجم.
هجماته كانت منظمة، سريعة في التحول، ومبنية على تمريرات عمودية مباشرة تستغل اندفاع الاتحاد.
هذا التوازن بين الصبر الدفاعي والفاعلية الهجومية جعل الفريق يبدو أكثر نضجًا مقارنة ببدايات الموسم، وأعاد الثقة للاعبين في المواعيد الكبيرة.
يايسله يرسل رسالة… ويثير جدلاً
بعد المباراة، قال يايسله في المؤتمر الصحافي: «جدة دائماً خضراء… أنا فخور بكل اللاعبين، سواء من شارك أو بقي على مقاعد البدلاء. الجميع أظهر التزاماً واستعداداً كبيراً قبل الديربي.»
لكن الجدل لم يتأخر. فعندما سأله أحد الصحافيين عن تفاصيل التغييرات التكتيكية، رد الألماني بابتسامة: «أعرف أن تخصصك هو الطب، وأحترم شغفك بكرة القدم، لكن هناك تفاصيل كثيرة لا تفهمها، ولا يمكن شرحها في مؤتمر صحافي.»
اقرأ أيضًا: يايسله يرد على اتهام فقدان الشغف بعد تجديد عقده مع الأهلي السعودي
الرد بدا متحفظًا وربما مستفزًا للبعض، لكنه يعكس شخصية المدرب الدقيقة التي تفضل إبقاء تفاصيل العمل داخل غرفة الملابس، لا في قاعات المؤتمرات.
الأهلي بعد الديربي: استقرار وتحديات قادمة
بعد فترة التوقف الدولي، يستعد الأهلي لخوض ثلاث مباريات متتالية على ملعبه في جدة:
أمام القادسية في الدوري.
ضد الشارقة الإماراتي في دوري أبطال آسيا.
ثم مواجهة القادسية مجددًا في كأس الملك.
يملك الأهلي الآن 16 نقطة من أربعة انتصارات وأربعة تعادلات، ومع مرور الجولات، بات واضحًا أن بصمة يايسله التكتيكية تتعمق أكثر فأكثر.
فهو لا يبحث عن الاستعراض، بل عن التحكم في الإيقاع، وإعادة هوية الأهلي كفريق يعرف كيف ينتصر حتى وهو لا يملك الكرة.
