رونالد كومان بين الثقة والحذر.. هل تكون 2026 لحظة هولندا المنتظرة؟

ديلي سبورت عربي _ وكالات
بعد تأهلٍ مُقنع أمام ليتوانيا برباعية نظيفة، خرج رونالد كومان ليؤكد بنبرة تجمع بين الثقة والحذر أن المنتخب الهولندي يقترب من الجاهزية لكتابة صفحة جديدة في تاريخه. هولندا أنهت التصفيات في صدارة مجموعتها متقدمة على بولندا، وبفريق يمتلك مزيجًا من الخبرة والعمق الفني، يبدو أن كومان يرى في كأس العالم 2026 فرصة حقيقية لكسر لعنة النهائيات التي لازمت “الطواحين” لعقود.
رونالد كومان يرفع السقف قبل مونديال 2026
لكن المدرب المخضرم لا يقدّم وعودًا مجانية. بل يشدد على أن السقف الحالي لا يكفي. “لدينا أفضل فريق في هذه المجموعة… لكن هذا ليس معيارًا عالميًا”
في حديثه عقب الفوز، بدا كومان كمن يرسل رسائل متعددة الاتجاهات. فهو من جهة يثمّن التطور الذي حققه الفريق، ومن جهة أخرى لا يتردد في التأكيد بأن المنتخب يفتقد إلى عنصر أساسي: الاستمرارية. “لقد أدّينا واجبنا. لدينا فريق قوي، لكن الأداء لا يكون دائمًا بثبات المستوى المطلوب. يجب علينا معالجة هذا الخلل.”
المدرب الهولندي يدرك تمامًا أن الصراع على الأدوار المتقدمة في بطولة تُقام في الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وسط ظروف مناخية مختلفة كليًا، لن يُحسم بالموهبة فقط. لذلك يوجه سهامه نحو قادة الفريق: فان دايك، دي يونغ، ديباي.
هؤلاء بالنسبة لكومان ليسوا مجرد أسماء ثقيلة؛ بل ضابط الإيقاع الذهني والنفسي قبل الفني. فالهولنديون يراهنون دائمًا على الجودة، لكن الخبرة والانضباط هما ما يمنحان الفرق الكبرى القدرة على الصمود في اللحظات الحرجة.

إسبانيا… المعيار الأقرب للحقيقة
وأضاف كومان: “لا أرى الكثير من المنتخبات أفضل منا بشكل واضح”, فهو يستند إلى اختبارٍ مهم. الربيع الماضي واجهت هولندا إسبانيا مرتين في ربع نهائي دوري الأمم، وانتهت المباراتان بتعادلات مفتوحة: 2-2 و3-3.
نتائج تمنح كومان مؤشرًا: المنتخب قادر على مجاراة أفضل المنتخبات الأوروبية من حيث الإيقاع والسرعة وصناعة الفرص. لكن المؤشر الآخر كان أكثر قسوة: الهزيمة بركلات الترجيح في مباراة الإياب.

كومان وذكريات 1994… الحرارة التي لا تُنسى
عندما تحدث رونالد كومان عن تجربته لاعبًا في كأس العالم 1994، كان واضحًا أنه يهيّئ لاعبيه ذهنيًا قبل أي شيء.
درجات حرارة تجاوزت 40 درجة في أورلاندو جعلت المدافع السابق يشعر كما لو كان يلعب بأحذية خشبية. واليوم، في نسخة تمتد عبر قارة كاملة، ستكون الظروف المناخية عاملًا حاسمًا في تحديد مصير المنتخبات.
كومان يريد تجهيز لاعبيه لكل التفاصيل الصغيرة قبل أن يبدأ الحديث عن الأداء أو الطموح. ولذلك أعلن أن المنتخب سيخوض مباراتين وديتين قبل تحديد مكان المعسكر النهائي.

هولندا واللقب الغائب
يرسم تاريخ هولندا صورة منتخب كبير لم يحصل على ما يستحق. ثلاث نهائيات كأس عالم (1974، 1978، 2010) ضاعت كلها في لحظات مؤلمة، رغم فرقٍ صنعت ثورة في كرة القدم.
حتى في 2022، توقف الفريق في ربع النهائي أمام الأرجنتين بعد مباراة مشحونة انتهت بركلات الترجيح.
هذا الإرث لا يغيب عن ذهن كومان. لكنه لا يشكّل عبئًا على الفريق الحالي بقدر ما يظهر كدافع إضافي. جيل فان دايك ودي يونغ وديباي يعرف أن الوقت يمرّ، وأن 2026 قد تكون الفرصة الأخيرة لبعضهم.
عناوين اخرى تهمك
- توخيل وإنجلترا: اختبار الحسم قبل كأس العالم 2026
- كليمنتي يدق ناقوس الخطر: “لامين يامال يحتاج أكثر من الموهبة ليصمد”
بقيادة كومان.. هل يمكن لهولندا أن تتجاوز سقفها؟
مع وجود جيل موهوب، وخبرة احترافية على أعلى مستوى، وجهاز فني يعرف جيدًا شكل الطريق في البطولات الكبرى، تبدو هولندا فريقًا قادرًا على المنافسة.
لكن كومان يدرك أن الطموحات الكبيرة تحتاج إلى شيء آخر: قسوة داخلية وانضباط ذهني، واستمرارية في الأداء، والأهم اللياقة الكاملة لنجومه.
وبين ثقة محسوبة وتحذيرات مبكرة، يبدو أن مدرب هولندا يبني شيئًا يشبه الحلم… لكنه حلم مبني على تفاصيل صغيرة، وليس على خطابيات عاطفية.
وحتى موعد قرعة 5 ديسمبر، سيظل كل شيء مفتوحًا. لكن ما هو مؤكد أن هولندا ستدخل مونديال 2026 بفكرة واحدة: ربما حان الوقت أخيرًا لكسر اللعنة.




