ألمانياالرئيسية

دير كلاسيكر… الصراع الذي لم يولد من كراهية، بل من الرغبة في البقاء على القمة

ديلي سبورت عربي _ وكالات

في كل موسم، حين يقترب الموعد، يتوقف الزمن في ألمانيا. لا صوت يعلو فوق “دير كلاسيكر” — المواجهة التي لم تولد من كراهية جغرافية أو خلفيات سياسية، بل من كرة القدم نفسها، من الصراع على التفوق، من رغبة مستمرة في كسر الهيمنة وصناعة التاريخ.

السبت 18 أكتوبر، يعود المشهد ذاته إلى ملعب أليانز أرينا: بايرن ميونخ، المتصدر بسجل مثالي (18 نقطة من 6 مباريات)، في مواجهة وصيفه بوروسيا دورتموند. قمة الجولة السابعة، وقمة الذاكرة الكروية أيضًا.

دير كلاسيكر:  البداية تفوق بافاري وصعود بطيء من دورتموند

حين تأسس البوندسليغا عام 1963، لم يكن هناك “كلاسيكر” بعد. كان هناك بايرن يصعد بثبات نحو القمة، ودورتموند يتأرجح بين المنافسة والتراجع، حتى أنه قضى أربع سنوات في الدرجة الثانية خلال السبعينيات.
في تلك الفترة، كان الانتصار الأكبر في تاريخ الدوري (11-1 لبايرن) رمزًا لاختلال التوازن، فيما كانت المنافسة الحقيقية لبافاريا تأتي من جلادباخ أكثر من دورتموند.

 

دير كلاسيكر
بوروسيا دورتموند ضد البايرن

 التسعينيات: صدام هيتسفيلد وميلاد التنافس الحقيقي

التحول الحقيقي بدأ مع أوتمار هيتسفيلد، الرجل الذي أوقف دوران عجلة بايرن لبعض الوقت. بين 1991 و1997، قاد المدرب السويسري بوروسيا دورتموند إلى قمتين متتاليتين من المجد المحلي، ثم إلى لقب دوري أبطال أوروبا 1997 أمام يوفنتوس — وفي ملعب بايرن بالذات.

في تلك المرحلة، تشكّلت أولى ملامح الكراهية الكروية. حادثة “الطفل الباكي” بين لوثار ماتيوس وأندرياس مولر لم تكن مجرد لقطة ساخرة، بل كانت إعلانًا بأن التنافس بات شخصيًا، عاطفيًا، ومشتعلًا.

بايرن ميونخ
صراع الكلاسيكر

بايرن ميونخ ضد دورتموند:  الفوضى والعنف… و”القرض المنقذ”

أواخر التسعينيات وبداية الألفية شهدت فوضى حقيقية: مباراة “الركلة الكونغ فو” من أوليفر كان ضد شابويزا، المباراة “الأقذر” بـ14 بطاقة، ثم السقوط المالي لدورتموند الذي انتهى بمفارقة نادرة — قرض من بايرن لإنقاذ غريمه.
في تلك اللحظة، بدا أن دير كلاسيكر فقد روحه… لكنه كان يستعد لولادة جديدة.

دير كلاسيكر
الدوري الألماني

 يورجن كلوب: الرجل الذي أعاد إشعال النار

وصول يورجن كلوب إلى سيجنال إيدونا بارك لم يغيّر فقط أسلوب لعب دورتموند، بل غيّر خريطة كرة القدم الألمانية. بين 2010 و2012، فاز دورتموند بخمسة كلاسيكرات متتالية، وحقق الثنائية التاريخية بعد سحق بايرن (5-2) في نهائي الكأس.
لكن الرد البافاري جاء في العام التالي، في ويمبلي، حين أهدى آريين روبن لقب دوري أبطال أوروبا لبايرن بهدف قاتل — لتتحول المنافسة إلى أسطورة حقيقية تتجاوز حدود ألمانيا.

 العقد الأخير من دير كلاسيكر: هيمنة بافارية ومحاولات كسر السلسلة

منذ نهائي 2013، احتفظ بايرن بالسيطرة على الدوري الألماني، حتى كسر باير ليفركوزن السلسلة التاريخية في 2024. لكن رغم الألقاب، ظل “الكلاسيكر” مختلفًا. مباريات لا يمكن التنبؤ بها، إيقاع جماهيري فريد، وكأن الزمن يعيد تشكيل نفسه في كل مواجهة جديدة.

حتى الأرقام تحكي حكاية متناقضة: دورتموند خسر أكثر مما فاز، لكنه يبقى الخصم الذي يجعل بايرن يتعرّق أكثر من أي فريق آخر.

عناوين أخرى تهمك 

 اليوم: كلاسيكر بلا كراهية… لكنه مليء بالشغف

ما يجعل “دير كلاسيكر” فريدًا هو طبيعته الخاصة: لا تاريخ من العداء الاجتماعي، لا جغرافيا مشتركة، فقط كرة القدم في أنقى صورها.
إنه صراع بين القوة والبناء، بين المؤسسة العملاقة والطموح الدائم، بين البافاري الذي لا يشبع من الألقاب، والدورتموندي الذي لا يتوقف عن الحلم.

وعندما تنطلق صافرة الحكم في أليانز أرينا هذا السبت، سيكون التاريخ حاضراً مجددًا ليس لتكرار نفسه، بل ليكتب فصلاً جديدًا في واحدة من أنقى المنافسات التي عرفتها اللعبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى