
ديلي سبورت عربي – إسبانيا
في الدوري الإسباني تأسس نادي ريال أوفييدو عام 1926 نتيجة اندماج بين ناديي “ستاديوم أوفيتينسي” و”ريال كلوب ديبورتيفو أوفييدو”، وقد جاء هذا الاندماج استجابةً لرغبة المدينة في تكوين فريق قوي قادر على تمثيل أوفييدو في المشهد الكروي الإسباني.
تعود أصول اللعبة في المدينة إلى شباب أوفييدو الذين تأثروا بتجربتهم الدراسية في إنجلترا، حيث كانت كرة القدم قد بدأت تترسخ كلعبة شعبية.
أول رئيس للنادي كان كارلوس تارتيري، الاسم الذي أصبح لاحقًا يُخلّد في اسم الملعب الرسمي للنادي.
العصر الذهبي.. “المهاجمون الكهربائيون” في الدوري الإسباني
في ثلاثينيات القرن الماضي، برز أوفييدو كأحد أكثر الفرق إثارة على المستوى الهجومي، بفضل رباعي هجومي خارق:
إيميلين، غالي، هيريريتا، وإيسيدرو لانغارا. هذا الرباعي، والذي أُطلق عليه لقب “المهاجمون الكهربائيون” (Las Delanteras
Eléctricas)، كان يلعب بأسلوب يعتمد على السرعة، والتمركز الذكي، والتمريرات القصيرة، وهو أسلوب سبق عصره بعقود.
لانغارا تحديدًا تألق على نحوٍ استثنائي، حيث تُوج بجائزة “بيتشيتشي” كهداف لليغا ثلاث مرات متتالية (1933–1936)،
وسجل مع الفريق أكثر من 100 هدف في ثلاثة مواسم فقط قبل أن تفرّقهم الحرب الأهلية.
نكسة الحرب الأهلية وإعادة البناء
مع اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، تشتّت الفريق؛ فقد غادر لانغارا إلى أمريكا الجنوبية، فيما توزّع بقية نجوم الفريق بين أندية أخرى.
كما أن ملعب النادي تحول إلى مخزن ذخيرة للقوات الموالية للجنرال فرانكو، ما حرم أوفييدو من المشاركة في موسم 1939–40 بعد استئناف الليغا.
رغم ذلك، عاد أوفييدو تدريجيًا ليُثبت حضوره في الليغا، وكان أبرز إنجاز له في تلك المرحلة هو إنهاؤه موسم 1962–63 في المركز الثالث، متفوقًا على فرق كبيرة مثل فالنسيا وبرشلونة.
فترات الهبوط والصعود
عرف النادي الكثير من التحولات بين الدرجات، حيث هبط لأول مرة إلى الدرجة الثالثة موسم 1978، لكنه سرعان ما عاد.
وفي الثمانينيات، استفاد أوفييدو من تحديث ملعبه كارلوس تارتيري ضمن استعدادات إسبانيا لاستضافة كأس العالم 1982.
في موسم 1988، عاد الفريق إلى الدرجة الأولى بعد الفوز على مايوركا في ملحق الصعود، ليعيش بعدها أنجح فترة له في العصر الحديث.
اقرأ أيضاً: الدوري الإنجليزي 2025/2026.. بيرنلي.. من أول مؤسسي الكرة الإنجليزية إلى صعود ملحمي جديد في 2025

التسعينيات: سنوات المجد الأوروبي
خلال التسعينيات، استطاع أوفييدو الحفاظ على استقراره في الليغا لمدة 13 موسمًا متتاليًا، وبلغ ذروته موسم 1990–91
حين أنهى الموسم في المركز السادس،
ما منحه فرصة المشاركة في كأس الاتحاد الأوروبي لأول مرة في تاريخه، قبل أن يخرج على يد جنوى الإيطالي من الدور الأول.
تميزت تلك المرحلة بوجود لاعبين مميزين مثل كارلوس، دوديتش، فيرناندو، وخافيير أوتيرو، إلى جانب مدربين عرفوا كيف يحافظون على هوية النادي.
بداية الانهيار… وسقوط مدوٍ
مع نهاية موسم 2000–01، بدأ التدهور الكبير؛ فقد تراجع أداء الفريق وهبط إلى الدرجة الثانية، ثم إلى الثالثة،
ليصل في موسم 2003–04 إلى الدرجة الرابعة لأول مرة في تاريخه، وهو أمر شكل صدمةً كبيرة لعشاق النادي، خاصةً مع
تفاقم الأزمات المالية وغياب الدعم المؤسسي.
لكن رغم كل ذلك، تمسّك الجمهور بالنادي، حيث حطم أوفييدو رقم الحضور الجماهيري في مباريات الدرجة الرابعة بـ16,000
متفرج، وواصل أنصاره دعم الفريق رغم كل الأزمات.
عصر كارلوس سليم والعودة التدريجية
في عام 2012، تدخل رجل الأعمال المكسيكي كارلوس سليم لإنقاذ النادي، حيث ضخ 2.5 مليون دولار وأصبح المالك الأكبر للنادي.
بفضل هذه الخطوة، تمكن النادي من ترتيب أموره المالية والعودة تدريجيًا.
وفي 2015، تأكدت عودة أوفييدو إلى الدرجة الثانية بعد فوزه على قادش في ملحق الصعود، لتبدأ مرحلة جديدة من البناء.
عناوين قد تهمك:
-
نيوم يتوجه إلى إسبانيا لمعسكر إعدادي تحضيراً للدوري السعودي
-
القصة الكاملة لأزمة أحمد فتوح في الزمالك

موسم 2024–2025: الصعود المنتظر
بعد محاولات عديدة للصعود، جاء موسم 2024–2025 ليحمل الفرح الكبير لأنصار النادي.
أنهى الفريق الموسم في المركز الثالث من دوري الدرجة الثانية، وتأهل إلى الملحق، حيث واجه نادي ميرانديس في نهائي ملتهب.
في لقاء الإياب، قدّم أوفييدو مباراة ملحمية، حسمها بنتيجة 3–1 بعد التمديد،
ليعود إلى الليغا بعد 24 عامًا من الغياب، ويكتب صفحةً جديدة من تاريخ النادي.
الرؤية المستقبلية.. مزيج من الطموح والحذر
العودة إلى الليغا لا تعني الاكتفاء بالوصول، بل تتطلب استراتيجية واضحة للبقاء والتطور.
النادي اليوم يملك قاعدة جماهيرية وفية، ودعمًا استثماريًا مستقرًا، لكنه بحاجة لتعزيز خطوطه بلاعبين ذوي خبرة دون التضحية بهويته التاريخية.
الإدارة مطالبة بالحفاظ على التوازن المالي، وعدم تكرار أخطاء الماضي،
والتركيز على مواهب الأكاديمية التي لطالما كانت نقطة قوة للنادي في العقود الماضية.
جماهير لا تُقهَر
لعل ما يميز ريال أوفييدو هو جمهورُه. فعلى الرغم من الهبوط المتكرر، ظل الجمهور وفيًا، بل وحقق أرقامًا قياسية في الحضور الجماهيري حتى في أدنى درجات المنافسة.
جماهير النادي – خاصة “Symmachiarii” – لم تتخلَّ عن الفريق أبدًا، وها هو النادي يرد الجميل اليوم، ويعود إلى حيث ينتمي




