أزمات اكتشاف المواهب الكروية في مصر تتصاعد
ديلي سبورت عربي-وكالات
رغم أن مصر تملك قاعدة شبابية ضخمة وملاعب شعبية تعج باللاعبين الصاعدين، فإن أزمة اكتشاف المواهب الكروية عادت إلى الواجهة بعد تصريحات رئاسية طالبت باستنساخ تجربة محمد صلاح.
المفارقة أن بلدًا بهذا الحجم الكروي يواجه صعوبة في إنتاج جيل جديد، ما يكشف خللاً عميقًا يتجاوز حدود الملاعب إلى بنية المنظومة نفسها.
حين يتصدر محمد صلاح المشهد… وتتعرى فجوات النظام
يرى كثيرون أن تألق محمد صلاح عالميًا أصبح مرآة تعكس التراجع المحلي في بناء وإعداد المواهب. فالرئيس المصري أبدى دهشته من عجز المؤسسات الرياضية عن اكتشاف آلاف اللاعبين، بينما وصف شيكابالا المنظومة بأنها “مقلوبة”، بعد أن تحولت ممارسة اللعبة إلى امتياز اجتماعي لمن يملك المال.
ما الذي تغيّر؟
اللعبة لم تعد متاحة لأبناء الطبقات الفقيرة كما كانت سابقًا.
الأندية الكبرى تعتمد على شراء لاعبين جاهزين بدل صناعة ناشئين.
قطاعات الناشئين أصبحت مساحة للمحسوبية وبيع الفرص.
القرى المصرية… مخزون مهاري خارج الرادار
تبرز القرى والأحياء الشعبية كمركز إنتاج طبيعي للمواهب. فيديوهات المواهب المنتشرة على مواقع التواصل تُظهر قدرات لافتة، لكنها غالبًا لا تجد طريقها إلى الكشّافين أو الأندية.
صوت من الداخل
أحمد صلاح البعلي، منظم بطولات شعبية في الإسماعيلية، يؤكد أن المشكلة ليست ندرة المواهب، بل غياب الاهتمام الرسمي:
عدم إرسال كشّافين لحضور الدورات الشعبية.
تجاهل إعلامي شبه كامل للدرجات الأدنى.
غياب منظومة تربط المواهب الشعبية بالأندية المحترفة.
هيمنة المال… وتراجع الأساليب العلمية
يصف مصطفى يونس الجيل الذهبي لكرة القدم المصرية بأنه “جاء من تحت التراب”، في إشارة إلى الملاعب الشعبية. لكنه يعتبر أن الوضع تغيّر جذريًا مع دخول المال إلى قطاعات الناشئين.
تحول خطير
أسر تدفع عشرات الآلاف لضمان مشاركة أبنائها.
بيع قطاعات ناشئين لمستثمرين هدفهم الربحية.
انتشار أكاديميات خاصة بلا رؤية فنية حقيقية.
أساليب انتقاء تعتمد على لاعبين سابقين دون منهج علمي.
إخفاق البنية التعليمية والرياضية في بناء لاعب محترف
يرى البرلماني محمود حسين أن المشكلة أعمق من الملاعب، وتمسّ التعليم الرياضي نفسه. فمصر تحتاج إلى مدارس رياضية متخصصة، تشبه التجارب الحديثة في دول مثل المغرب التي حققت طفرة في الفئات السنية.
نقاط الضعف البنيوية
غياب منهج تربوي متخصص في الكرة.
ضعف التأهيل البدني واللغوي والنفسي.
عدم ربط العملية التعليمية بولادة محترف قادر على الاحتراف الخارجي.
غياب الإعداد النفسي… الجانب المنسي في تطوير الموهبة
يشير الدكتور وائل الرفاعي إلى أن الأندية تركز على المهارة الفنية وتغفل القياسات النفسية والفسيولوجية الضرورية لاكتشاف قدرات اللاعب المستقبلية.
ما الذي ينقص اللاعب المصري؟
اختبارات علمية لتحديد الملاءمة الجسدية والذهنية.
بناء الصلابة العقلية منذ سن مبكرة.
اقرأ أيضًا: الدوري السعودي للمحترفين، هل بدأ يقلق أوروبا؟.. اللزيز، القطبة المخفية


تدريب على إدارة الضغوط والقرارات السريعة.
استخدام التكنولوجيا الحديثة في التقييم والمتابعة.
إلى أين تتجه المنظومة؟
تكشف مجمل الآراء أن أزمة اكتشاف المواهب في مصر ليست مشكلة واحدة، بل شبكة من العقبات:
فساد إداري، وسيطرة المال، وغياب المنهج العلمي، وضعف الإعلام، وتفكك منظومة الناشئين، وغياب التعليم الرياضي المتخصص.
النتيجة المباشرة
ستظل مصر تنتظر ظهور “صلاح جديد” إذا لم تُبنَ منظومة شاملة تتعامل مع اللاعب منذ سن السادسة وحتى مرحلة الاحتراف، وتجمع بين التدريب الفني، والتأهيل النفسي، والتعليم الرياضي الحديث.




