
ديلي سبورت عربي – إنجلترا
بعد غياب دام ثماني سنوات، عاد نادي سندرلاند إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، محققًا واحدة من أكثر قصص الصعود إلهامًا في تاريخ الكرة الإنجليزية الحديثة.
ولعل المثير في هذه الرحلة لم يكن فقط العودة بحد ذاتها، بل الكيفية التي تحققت بها: فريق شاب، يقوده مدرب فرنسي مغمور، يتغلب على المصاعب ويهزم شيفيلد يونايتد في نهائي ملحمي على ملعب ويمبلي.
ملحمة ويمبلي: مفاجأة شبابية بقيمة 210 مليون جنيه في الدوري الإنجليزي
سندرلاند دخل نهائي التصفيات المؤهلة للدوري الممتاز وهو الطرف الأضعف على الورق، لكن ما حدث على أرضية الملعب نسف كل التوقعات.
بعد تأخرهم بهدف، نجح الفريق في قلب النتيجة إلى فوز 2-1، بفضل هدف قاتل في الدقيقة 95 أحرزه الشاب توم واتسون،
البالغ من العمر 19 عامًا، وأحد خريجي أكاديمية النادي.
لكن اللافت أكثر من الهدف هو متوسط أعمار الفريق: قائد الفريق لوك أونين كان الوحيد في التشكيلة الأساسية الذي تجاوز عمره 25 عامًا، في إشارة واضحة إلى اعتماد سندرلاند الكامل على عنصـر الشباب.
الشباب.. سلاح ذو حدين
النجم السابق والمدرب الحالي كيفن فيليبس، أحد رموز النادي، علّق على الأداء قائلاً: “الشباب منح الفريق الحيوية واللياقة في الدقائق الأخيرة، وهذا ما رجّح كفتهم بدنيًا”.
لكنه حذّر في الوقت ذاته: “لو خاض الفريق الدوري الممتاز بهذه التشكيلة فقط، فسوف يعاني بشدة.”
فعلى الرغم من الحماس والطاقة التي يجلبها الشباب، إلا أن البريميرليغ مختلف تمامًا من حيث القوة البدنية، التجربة، والسرعة التكتيكية. الأندية التي تصعد حديثًا تحتاج إلى أكثر من مجرد طموح.
ريجي لو بريس.. المهندس المفاجئ
عندما تعاقد سندرلاند مع المدرب الفرنسي ريجي لو بريس، لم تكن الجماهير متحمسة كثيرًا،
خصوصًا وأنه قادم من تجربة هبوط مع نادي لوريان الفرنسي. لكن ما قدّمه خلال الموسم فاق كل التوقعات.
لو بريس نجح في خلق منظومة متماسكة تعتمد على الضغط العالي، اللعب العمودي، والمرونة في تغيير المراكز، كل ذلك بلاعبين أغلبهم من الأكاديمية.
وما حدث في الشوط الثاني من نهائي ويمبلي كان تجسيدًا لهذا الفكر: تغيير في الذهنية، انضباط في الضغط، وقتالية حتى النهاية.
اقرأ أيضاً: الدوري الإسباني 2025/2026.. إلتشي.. من أزقة فالنسيا إلى شمس الليغا: تاريخ نادٍ لا ينكسر

الفخ المالي.. 210 مليون جنيه قد تنقلب نقمة
يُطلق على نهائي التصفيات المؤهلة إلى البريميرليغ لقب “أغلى مباراة في كرة القدم”،
نظرًا للعوائد المالية التي يضمنها الصعود، والتي تقدر بـ210 مليون جنيه إسترليني.
لكن فيليبس يُحذر: “هذا المال قد يكون نقمة إذا لم يُدار بحكمة”.
ويُشير إلى أخطاء سابقة ارتكبتها أندية صاعدة، عندما أنفقت الملايين على 8 أو 10 لاعبين دفعة واحدة دون دراسة كافية. النتيجة؟ هبوط مباشر.
سندرلاند بحاجة إلى 4 أو 5 صفقات نوعية فقط، لزيادة قوة التشكيلة وتُكمل نقاط الضعف، بدلًا من تكديس الأسماء دون هوية.
التحديات المقبلة.. بين المحافظة على الروح وبناء الخبرة
أحد أكبر التحديات التي ستواجه سندرلاند هو كيفية الحفاظ على الروح القتالية والجماعية التي أوصلتهم إلى القمة، وفي نفس الوقت إدخال لاعبين ذوي خبرة لا يخلون بتوازن الفريق.
هنا يأتي دور المدير الرياضي والجهاز الفني، في اختيار العناصر التي تمتلك الخبرة لكنها منسجمة مع فكر لو بريس من حيث الانضباط والضغط العالي.
أسماء واعدة تستحق المتابعة
توم واتسون: بطل النهائي وصاحب الهدف الذهبي، موهبة تتمتع بالجرأة والقدرة على الحسم. قد يكون أحد مفاجآت الموسم في البريميرليغ.
لوك أونين: القائد الصامت، يوازن بين الخبرة والهدوء، ويضرب المثل للشباب من حوله.
جاك كلارك: الجناح المهاري الذي صنع الفارق أكثر من مرة هذا الموسم، نريد منه دور أكبر.
عناوين قد تهمك:
-
الدوري الإنجليزي 2025/2026.. ليدز يونايتد: عودة التاريخ بثوب هجومي جديد
-
كأس العالم للأندية | صراع قطري مغربي على نسخة 2029

سندرلاند الآن أمام مفترق طرق: إما أن يبنوا مشروعًا مستقبليًا متوازنًا يجمع بين الشباب والخبرة، أو يقعون في فخ الاندفاع والصفقات العشوائية.
رحلة العودة إلى البريميرليغ كانت شاقة، لكن الأصعب قادم. أن تحجز لنفسك مكانًا بين الكبار، هو التحدي الأكبر.
الفريق يمتلك الأدوات، مدرب كفء، قاعدة جماهيرية عاشقة، ومواهب شابة متميزة. يبقى فقط النجاح في اتخاذ القرارات الصحيحة في السوق الصيفي.
وإذا فعلوا ذلك، فقد لا يكون البقاء في الدوري هدفهم الوحيد… بل البداية الحقيقية لمشروع كروي مميز في شمال شرق إنجلترا.
موسم الحسم: 2024/2025 في سطور
دخل سندرلاند موسم التشامبيونشيب 2024/2025 بتوقعات متواضعة نسبيًا. الفريق كان شابًا للغاية، حيث لم يتجاوز معدل الأعمار 23 عامًا، وكان الكابتن لوك أونين اللاعب الوحيد فوق 25 عامًا في التشكيلة الأساسية خلال النهائي.
رغم بعض التعثرات، قدّم الفريق كرة هجومية منظمة، واعتمد على الضغط العالي والسرعات على الأطراف. احتل المركز الرابع في نهاية الموسم، ليبدأ طريقًا شاقًا في الملحق (Play-Offs) واجه فيه كوفنتري سيتي أولًا، قبل أن يصطدم بشيفيلد يونايتد في نهائي ويمبلي.
تأخر الفريق بهدف، لكن قلب النتيجة بفضل هدفين من إيليزر مايينا وتوم واتسون، الأخير أحرزه في الوقت القاتل، ليعيد سندرلاند إلى البريميرليغ ويضع نفسه في كتب التاريخ كأحد أصغر الهدافين في نهائي الملحق.
التحدي القادم: ماذا ينتظر القطط السوداء؟
العودة إلى البريميرليغ ليست سوى بداية التحدي الحقيقي. الدوري الإنجليزي الممتاز أكثر تنافسية من أي وقت مضى، وكما قال أسطورة النادي كيفن فيليبس: “الحيوية وحدها لا تكفي للبقاء”. ثلاثة فرق صعدت في المواسم الأخيرة، وسقطت مجددًا بعد عام واحد فقط.
لكن ما يميز سندرلاند اليوم هو وضوح الرؤية. فالنادي أعلن بالفعل عن استثمار يتجاوز 115 مليون يورو حتى منتصف يوليو 2025، في صفقات تعزز جميع الخطوط، وتُبنى بعناية تتجاوز مجرد “شراء النجوم”.




