
ديلي سبورت عربي – إسبانيا
في مدينة إشبيلية، حيث تتصارع عراقة التعاون والتنافس مع الجار اللدود إشبيلية في الدوري الإسباني، يتأصل تاريخ نادي ريال بيتيس كقصة حبٍ جماهيري بحرارة الجنوب الإسباني وروح الملاعب الشعبية. مؤمنون بشعارهم الشهير “¡Viva el Betis, aunque pierda!” – أي “عيش يا بيتيس حتى لو خسرنا”، هو شعار يتجاوز الرياضة، ويصف ارتباطاً حضارياً عاطفيًا لا يُمحى.
النشأة والتوحيد المبكر والتحضير للدوري الإسباني (1907–1935)
في 12 سبتمبر 1907، تأسس النادي تحت اسم Sevilla Balompié على يد طلاب مدرسة طبية، بمن فيهم البريطاني
Henry Jones (Papa Jones) الذي أصبح رئيسه الأول. الزي الأبيض والأزرق آنذاك، تغيّر لاحقًا إلى الأبيض والأخضر الذي يُميّزه
اليوم. وفي 1914 منحهم الملك لقب “Real”، نصرةً لقيمهم الوطنية
بعد سنوات من اللعب في الدرجات الدنيا، أصبح أول نادٍ أندلسي يتأهل إلى الليغا في 1932، ليُتوّج بلقب الدوري الإسباني
في موسم 1934–35 بقيادة المدرب Patrick O’Connell، مع فريق يعتمد على التلاحم القوي بين اللاعبين والإدارة.
التذبذب والتأسيس المؤسسي (1936–1990)
رغم البطولة المبكرة، شهد بيتيس عقودًا من التراجع والتذبذب، بين الهبوط والصعود من الدرجة الثانية. شهدت الخمسينيات
والستينيات استقرارًا نِسبيًا، مع افتتاح ملعب Benito Villamarín الذي أصبح محور الهوية الجماهيرية، وتكريساً للنفوذ المحلي
عام 1977، حقق الفريق أول كأس ملك إسبانيا بفضل أداء بطولي في النهائي ضد أتلتيك بلباو، وتميّز بأسلوب هجومي جريء رغم التواضع المادي.
العقد اليوناني والعودة للواجهة (1990–2005)
حلّت أزمات مالية تنظيمية وقانونية في التسعينيات، لكنها انتهت بانتخاب لوبيز دي لوبرة الذي طوّر النادي داخليًا وخارجيًا في
مجالات التدريب والمشاريع الأكاديمية. عام 2005 اجتازت الكرة التاريخية مجددًا بكأس ملك ثانٍ بقيادة Luis del Sol، مملوء بالتحدي والروح.
اقرأ أيضا: الدوري الإسباني 2025/2026.. أوساسونا: من ضفاف نهر السادر إلى قلعة الليغا

عصر Setién وPellegrini: بناء الهوية الأوروبية (2017–2025)
في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، خاض الفريق مرحلة من التغيير إلى الأفضل تحت قيادة Quique Setién
الذي أعاد الفنيين الشباب والثقافة الهجومية. حقق فريقه مواضع جيدة في الدوري وبلغ نصف نهائي الكأس ونافس في البطولات الأوروبية.
لكن الانطلاقة الأكبر جاءت مع تعيين المدرب التشيلي Manuel Pellegrini في يوليو 2020. استطاع إعادة إنعاش الفريق
وكسب ثقة الإدارة والجماهير، وحقق كأس ملك إسبانيا 2022، وهي أول بطولة كبيرة بعد 17 عامًا، ثم لمّ الشمل التنظيمي
الفني و استقر الفريق في الدوري لمواسم متعاقبة.
موسم 2024–25: الحرث الأخضر يزهر للمرة الأولى في أوروبا
بلغ الفريق في موسم 2024–25 نهائي يوروبا كونفرنس ليغ لأول مرة في تاريخه، بعد تخطي مراحل صعبة والتغلب على
خصوم أقوياء، ليواجه تشيلسي الإنجليزي في النهائي في وروسلاف البولندية. رغم خسارته 1–4، كان الحلم قد تحقق
بالفعل، وأصبح بيتيس رسميًا أحد أندية أوروبا الكبرى.
في الدوري، أنهى الموسم بالمركز السادس – أي تأهل جديد إلى الدوري الأوروبي. كان هداف البطولة المحلية هو Isco
بتسجيل 9 أهداف، و12 في كل المسابقات، ما عكس الدور الكبير للاعبين المخضرمين ضمن التوليفة الفنية للموسم.
التعاقدات والتشكيلة: بناء متوازن
شهد الفريق تحركات انتقالية ذكية:
-
اعتادت عودة Pau López كبديل موثوق بين الخشبات الثلاث.
-
ضم Valentín Gómez من الأرجنتين، تعبيرًا عن طموحات أوروبية متجددة.
- بقاء Cucho Hernández والإبقاء على Cedric Bakambú أثبتوا عمق الهجوم، خصوصًا بعد تألق الأخير وتسجيله 7 أهداف في البطولة الأوروبية.
- كما رحل Antony المعار من مانشستر يونايتد، وهناك حديث عن مد الربط أو البحث عن بدائل مثل Samu Chukwueze.
الجماهير والمجتمع: القلب الحي
متوسط حضور الجماهير تجاوز 52,777 مشجع في الدوري، الأعلى منذ سنوات طويلة. الدعم الاجتماعي تجسد عبر مبادرات
مؤسسة Real Betis، التي خدمت أكثر من 45 ألف شخص موسم 2023–24 بأكثر من 63 مشروعًا، في التعليم والتكافل الاجتماعي.
عناوين قد تهمك:
-
الدوري الإسباني 2025/2026.. ريال مايوركا: من الجزيرة إلى ساحة البطولات الأوروبية
-
الدوري الإسباني 2025/2026.. خيتافي: النادي الذي خرج من ظلال مدريد وفرض احترامه

التحول العمراني والملعب الجديد
بدأت خطط إنشاء استاد جديد يتسع لـ 60,000 متفرج قرب ملعب Benito Villamarín، سيجعل بيتيس يعيش عامين مؤقتين
في ملعب Cartuja قبل الدخول في الزمن الحديث بحلول 2027. ويتضمن المشروع فندقًا، مركزًا صحيًّا، ومتجرًا، مع توسعة
المقاعد الفخمة لجذب عائدات أكبر، رغم بعض اعتراضات الجمهور.
لتسهيل وصول الجماهير، تم توقيع شراكة مع RENFE لزيادة عدد القطارات في أيام المباريات عند العودة لاستخدام Cartuja
في الموسمين القادمين.
الملعب: Estadio Benito Villamarín
الملعب الذي بات أول موطن رسمي لبيتيس عام 1936، ويتسع الآن لحوالي 60,721 متفرجًا. لعب فيها مباريات كأس العالم
1982، وهو القلب الجماهيري والتاريخي للنادي، اسمه مرتبط بأحد أبرز رؤساء النادي Benito Villamarín الذي أعاد ترتيب
النادي في الخمسينيات.
التنافس المحلي: ديربي إشبيلية
رغم هيمنة إشبيلية كثر التتويجات الأوروبية، إلا أن بيتيس حافظ على هوية شعبية متفردة. ديربي إشبيلية ظل ميدانًا للصراع
الرمزي بين الفريقين، منذ أول لقاء عام 1915، ويتوازى الحضور الجماهيري بل والهيبة العاطفية رغم الفوارق الفنية.
بيتيس يخطو بثبات نحو العصر الذهبي
ريال بيتيس قصة نادٍ جماهيريٍ صلب في الهوية، يجمع بين طموح المنافسة الأوروبية والاستدامة المؤسسية. بعد قرنٍ من
النضال داخل الملعب وخارجه، أدار المدير الفني Pellegrini إعادة بناء الفريق، متسلحًا بتاريخ بطولات محلية وأوروبية كذلك،
مع ولادة فصل جديد من النجاحات المحتملة في السنوات القادمة




